ـ1ـ
كَمْ نَحْنُ مُشْتاقُونْ
كَمْ نَحْنُ مُشْتاقونْ
لِرَفَّةِ الْعَبيرِ وَانْتِفاضِ اللَّيلِ في وَجْهِ السُّكونْ
للأُوفِ.. تَنْفَجِرُ ابْتِهالاً في الْعُيونْ
إنَّا كَرِهْنا الْمَوتْ
لا شيءَ غَيْر الْموتْ!!
نَنتَظِرُ الرَّسائِلَ..
نُفاجَأُ بِالْمَوتْ
ونَقْرَأُ الجَرائِدَ..
فَتُنْبِىءُ بِالْمَوتْ
نُعَمِّدُ الخُدودَ ثُمَّ نَصْرُخُ:
"إنَّا إلى الـلهِ لَراجِعونْ".
ـ2ـ
تَتثاقَلُ السُّنونَ في مِشْيَتِها..
وَنَحْنُ مَنْسيُّونْ
قُلوبُنا دِيسَتْ..
وَنَحْنُ مَنْسِيُّونْ
تخَدَّرَتْ عُقولُنا..
وَلَمْ نُعاقِرِ الخَمْرَةَ والأفْيُونْ
تَغَيَّرَتْ سَماؤنا
واخْتَنقَ هَواؤنا
وَضاعَ في خُبْثِ الدُّجَى ضِياؤنا
لكنَّنا مُنْتَظِرونْ ..
سَفيرَةً..
تُنْقِذُنا مِنْ الجُنونْ
سَفيرَةً..
تَنْقُلُنا إلى النَّعيمْ
حَيْثُ الظِّلالُ والتِّلالُ الخُضرُ والزَّيْتونْ .
سَفيرَةً..
تَحْمُلُنا إلى النُّجُومْ
حَيْثُ الهَناءُ والصَّفاءُ والسُّكونْ
لِنَسْكُنَ التَّارِيخَ..
نَبْني قَلْبَهُ الحَنونْ.
ـ3ـ
ما بِها تَأَخَّرَتْ طائِرَةُ الأَماني والأَمَلْ؟!
ما بِها تَأَخَّرَتْ فَيْروزُ؟!..
إنّي في وَجَلْ.
لَقَدْ تَعَطَّرْتُ بِماءِ الوَرْدْ
وَلَبِسْتُ الْمشْلَحَ
المَغْزولَ في أقْصى أعالي الْجُردْ
وَنَفَضتُ الْحُزْنَ عَنْ وَجْهي
وَصَرْخاتِ الخَجَلْ..
يا كُلَّ هذا الإنْتِظارِ الْمُرِّ أَسْرِعْ..
فَإنَّني عَلَى عَجَلْ.
ـ4ـ
فَيْروزُ..
يا فَيْروزُ كُوني أُمَّنا
غَدَرَ الزَّمانُ بأُمَّهاتِ أُمِّنا
وَافْتَرَقْنا في بِدايَةِ حُلْمِنا
نَلْعَقُ السَّاعاتِ..
نَنْحَرُ يَوْمَنا
مَنْ غَيْرُكِ؟!..
يُرْجِعُنا إلى الوَراءْ
إلى طَرابُلْسَ
وَبَيْروتَ
وَبَعْلَبَّكِنا الشَّمَّاءْ
إلى الجَنوبِ
والشِّمالِ حَيْثُ الأَرْزَةُ الخَضْراءْ
إلى رُبُوعِ الوطَنِ
المَسْكوبِ في قَوالِبِ الْمَساءْ
مَنْ غَيْرُكِ؟!..
يَزْرَعُنا أَزْهارَ حُبٍّ وَوَفاءْ
في مُروجِ الخُلْدِ..
في أَزِّقَّةِ السَّماءْ
مَنْ غَيْرُكِ؟!..
يا نُقطَةَ الماءِ الوحيدَةَ في غَياهِبِ الصَّحْراءْ
يَشْفي غَليلَ الشَّعبِ أثْناءَ الرَّحيلِ..
والْفَناءْ
ـ5ـ
نُحبُّكِ..
مَحَبَّةَ الْجِبالِ والسُّهولْ
وَميجانا الفلاَّحِ..
يَزْرَعُها تُراثاً في الْحُقولْ
والأُوفِ.. مِنْ منجَيْرَةِ الرّاعي
تَئِنُّ بِاقْتِرابِ الشَّمْسِ لِلأُفُولْ.
نُحِبُّكِ..
يا عُرْسَنا الْمَمْلُوءَ هَيْصاتٍ وَدَقَّاتِ طُبُولْ
يا كِتاباً..
حِبْرُهُ وَهْجُ الضِّياءْ
أَنْزَلوهُ..
رَغْمَ وَحْيِ الأَنْبِياءْ
لِيُنيرَ الْكَوْنَ أَحْلاماً..
وَيَحْيا في العُقولْ.
ـ6ـ
هَتَفَتْ أَلْسُنُنا مِنْ كَثْرَةِ السُّرورْ:
عاشتِ الأسْماءُ يا فَيْروزُ
يا لُؤلُؤَةَ الْبُحورْ
يا مَنْ عَبَرْتِ الْحاجِزَ المُرْتَفِعَ كالسُّورْ
وَدُسْتِ،
رَغْمَ العُنْفِ،
أَنْفَ الْقاتِلِ الْمَغْرورْ
ها أَمْطَرَتْ أَنْفُسُنا أَنْجُمَ نورْ
وَسَقَتْ كُلَّ الدَّياجيرِ
وَأَبْوابَ العُبورْ
لِمْ سَمِعْنا أَنَّ في الأُفْقِ ضِياءْ
لِقُدومٍ يَبْعَثُ فينا الرَّجاءْ..
فَتَعالَيْ مِثْلَ حُلْمٍ
لا يَخافُ وِحْشَةَ الدَّيْجورْ
نَحْنُ شَعْبٌ واحِدٌ
مَهْما سَمِعْنا
قَدْ شَرِبْنا القَهْرَ
والحُبَّ رَضِعْنا
وابْتَلَعْنا هَجْرَنا حَتَّى شَبِعْنا
وَتَواعَدْنا بِأَنَّا سَنثُورْ..
يا دِرْعَنا الَّتي بِها نَصُدُّ ضَرْباتِ الدُّهورْ
يا جِسْرَنا الباقي إلى اتِّحادِنا
وقَدْ تَهَدَّمَتْ كُلُّ الجُسورْ.
ـ7ـ
صَوْتُكِ الآتي إلَيْنا
مِنْ سَماءِ الحُزْنِ..
مِنْ لُبْنانْ
يا ميناءَ الحُبِّ،
يا مَنارَةَ السَّلامِ
والأمانْ
يا سَفيرَةً إلى نُجومِ العِشْقِ
والحَنانْ
يا بَحَّةَ الرِّياحِ في تَعَرُّجِ الجبالِ
والوِدْيانْ
صَوْتُكِ الآتي سَيَنْشُلُنا "كَجِرْجِسَ"
مِن بَراثِنِ التِّنِّينِ
والنِّسْيانْ
بَعْدَما ضِعْنا..
كَفَرْنا..
وَحَقَنَّا الكِذْبَ في الشِّرْيانْ
وَنَسَيْنا أنَّنا ضُعَفاءُ
لا نَقْوَى عَلَى الْهَذَيانْ
صَوْتُكِ الآتي سَيُنْهي العَيْبَ فينا
وَيَدْفَعُنا لِكَيْ نَبْتَدِىءَ..
الآنْ.
**